بداية الكارثة وما قبلها

في هذا اليوم الاسود يوم 2 اغسطس 1990 اجتاحت القوات العراقية الاراضى الكويتية ولم يمضى نهار ذلك اليوم الا وقد استولت تلك القوات الغازية الغادرة على جميع الاماكن الهامة فيها ومن ضمنها الدوائر الحكومية ومراكز انتاج النفط وغير ها من المؤسسات الحكومية.

ولكى نتتبع هذه الكارئة من بدايتها لابد لنا من الرجوع الى تاريخ 18 يوليو 1990، فى هذا اليوم ومن دون اي توتر فى الغلاقات بين البلدين وبصورة مفاجأة ارسل وزير الخارجية العراقى الى الامين العام لجامعة الدول العربية رسالة استفزازية يتهم فيها الكويت بانتهاج سياسة تتعمد اضعاف العراق فى الوقت الذى يواجه فيه العراق حملة امبريالية وصهيونية كما ادعت تلك الرسالة. واشارت الى موضوع الحدود المعلق بين البلدين حيث اتهمت الكويت بالتملص من ايجاد حل لهذه القضية رغم الاتصالات التى حدثت بين البلدين فى الستينات و السبعينات لحلها ومحاولة الحكومة الكويتية التملص بحجج واهية كما ادعت. كما اتهمت الكويت بالزحف التدريجى والمبرمج باتجاه اراضى العراق باقامة المنشآت العسكرية والمخافر والمنشآت النفطية والمزارع على الاراضى العراقية.و ان حكومتا الكويت والامارات تقومان بتنفيذ عملية تآمرية لاغراق سوق النفط بمزيد من الانتاج خارج حصصهما المقررة فى الاوبك، وان الكويت قامت بنصب منشآت فى حقل الرميلة جنوب العراق، حيث أخذت تسحب النفط منه لاغراق السوق العالمى بالانتاج الكبير وان الهدف من ذلك تنفيذ مخطط امبريالى صهيونى ضد العراق وضد الأمة العربية.وان هذا التصرف من قبل الكويت يعد تجاوزا على الاراضى العراقية بل يعد عدوانا عسكريا، كما ان الكويت بهذا العمل تهدف الى انهيار الاقتصاد العراقى. ( تفاصيل هذه الرسالة لا حقا ).

وقبل يوم واحد من ارسال تلك الرسالة وبتاريخ 17 يوليو 1990 كان الرئيس العراقى صدام حسين قد القى خطابا تضمن نفس ماجاء بتلك الرسالة تقريبا حيث حذر بعض الدول الخليجية- من الاستمرار فى انتاج البترول بما يزيد عن الحصة المقررة لأن ذلك يضر بأمن ومصالح العراق الذى خسر 14مليار دولار خلال النصف الاول من ذلك العام جراء انخفاض اسعار البترول بسبب الفائض فى السوق البترولية العالمية.

وقال فى خطاب بمناسبة ثورة17 يوليو انه فى حالة عدم الاكتفاء بهذا التحذير فان بلاده ستقوم بعمل فعال لاعادة الحقوق المقتصبة لأصحابها، واضاف بان سياسات حكام بعض تلك الدول الخليجيه هى سياسات امريكية، وان الولايات المتحدة تشجع هذه السياسات بهدف زعزعة الأمن والمصالح العربية، وذكر ان الحقوق العراقية المغتصبة والمتمثلة فى العوائد المفقودة ناتجة عن سياسات يتبناها بعض وزراء البترول فى الخليج ومسؤلون آخرون اعلى منهم.و ان هؤلاء الحكام يحاولون زعزعة العراق بعد ان انتصرت فى الحرب على ايران، وانه لن يسمح لهم بمواصلة تلك السياسة.وأشار الى انه بدلا من ان تكافئ تلك الدول العراق الذى ضحى بزهرة شبابه فى الحرب لحماية ثرواتهم، فانها تتبع سياسة تتعمد اضرارالعراق.

من جانب آخر امتدح ايران رغم العداء القائم بين البلدين فى اعقاب الغزو العراقى لايران امتدحها لردودها الايجابية على دعوته لعقد معاهدة سلام معها، واعرب عن تقديره لجهودها لرفع مستوى اسعار البترول ودعم السوق البترولية.

وعودة الى رسالة وزير الخارجية العراقية لجامعة الدول العربية، فقد اتهمت الكويت بانتهاك حدود العراق وبسرقة بترول عراقى تبلغ قيمته مليارين واربع مائة مليون دولار.وان الاعتداء الكويتى على الاراضى العراقية الجنوبية يرقى الى حد العدوان المسلح.وذكر ان الكويت انشأ نقاط عسكرية وحفر آبار لاستخراج البترول من حقول بترول الرميلة العراقى منذ عام 1980 وان العراق ينتظر من الكويت ان ترد له هذه المبالغ.و ان العراق قد اعد سجلا بكل الانتهاكات الكويتية على امتداد الحدود الكويتية العراقية التى يبلغ طولها 120 كم وقال ان العراق اظهر الصبر والحكمة ولكن الأمور تطورت الى حد لم يعد بمقدورها تجاهلها، واتهم الكويت بتقويض الوحدة العربية وبانتهاك حدود العراق وبالخداع فى نظام الانتاج التابع لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك، الذى يستهدف رفع اسعار البترول.وقال انه بالرغم من الجهود العراقية المخلصة لمواصلة الحوار الاخوى فان المسؤلين الكويتيين يحاولون ايذاء العراق واضعافه بطريقة مدبرة ومتعمدة.وقال ان تجاوز حصص الانتاج المقررة فى الاوبك لايقل تاثيره عن شن عدوان مسلح على العراق، وقال انه يدعوا كل الاشقاء العرب لحث من يعنيهم الامر لكى يوقفوا العدوان، وطالب باسقاط الديون المحسوبة على العراق والتى تراكمت عليه بفعل الحرب مع ايران، مع تنظيم خطة عربية على غرار مشروع مارشال الامريكى لتعويض العراق عن بعض ماخسره فى الحرب.وقال ان المعدات العسكرية التى اشترتها العراق واستخدمت فى الحرب بلغت 102 مليار دولار فضلا عن النفقات الاخرى المدنية والعسكرية فى حرب دامت ثمان سنوات، وقال ان العراق خاض هذه الحرب دفاعا عن البوابة الشرقية للعالم العربى وبالنيابة عنهم جميعا، وان الشعب العراقى قدم انهارا من الدماء دفاعا عن كرامة العرب.

وفى تونس وفى اجتماع لوزراء خارجية الدول العربية القى وزير الخارجية العراقى طارق عزيزكلمة ردد فيها نفس كلام الرئيس العراقى والرسالة التى ارسلها لجامعة الدول العربية.وقال “ان الكويت قداستغلت انشغال العراق بالحرب الطويلة مع ايران كما استغلت مبادئها القومية الاصيلة ونهجها الاصيل فى التعامل مع الاشقاء لكى تنفذ مخططا لتصعيد الزحف التدريجى والمبرمج فى اتجاه ارض العراق، فصارت تقيم المنشئات العسكرية والمخابئ والمنشئات النفطية على ارض العراق، وقد انتظرنا كل ذلك الوقت واكتفينا بالتلميح والاشارات علها تكف عن هذه المخططات فى اطار مفاهيم الاخوة التى كنا نعتقد ان الجميع يؤمنون بها ولكن تلك المخططات استمرت وباساليب ماكرة واصرار يؤكد التعمد والتخطيط، وقال ان الكويت استولت على الجزء الجنوبى من حقل الرميلة عام 1980 وبدأت تسحب النفط منه لتغرق السوق العالمية.

وفى ضوء هذه التطورات الخطيرة والاتهامات والتصعيد المباغت من العراق تجاه الكويت جرت مشاورات واتصالات دبلوماسية عربية واسعة النطاق لمحاولة احتواء الازمة التى اتسعت بين البلدين.

ففى الكويت انتقد المجلس الوطنى الكويتى (و هو البديل لمجلس الامة الذى حل قبل فترة قصيرة من هذه الاحداث ) انتقد فى جلسته الطارئه الموقف العراقى ازاء الكويت، وذكر البيان الذى صدر فى ختام الجلسة التى خصصت لبحث هذه التهديدات استنكار المجلس للجمل والعبارات التى وردت فى خطاب وزير الخارجية العراقى لجامعة الدول العربية دون اجراء اى التصالات او مشاورات قبل توجيه الاتهامات ضد الكويت، كما قرر المجلس ايفاد وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد فى مهمة عاجلة للالتقاء بقادة الدول العربية حاملا رسائل من امير دولة الكويت جابر الاحمد لابلاغهم موقف الكويت من خطاب وزير الخارجية العراقى.
وعلى أثر اللقاء الذى تم بين الشيخ صباح الاحمد والملك فهد ملك المملكة العربية السعودية اجرى الاخير اتصالين مع الرئيس العراقى وامير الكويت, فى محاولة لوقف تدهور العلاقات بين البلدين الجارين.

الخميس 19 يوليو 1990

شهدت العواصم العربية اتصالات واسعة النطاق لوقف تدهور العلاقات بين العراق والكويت، فقد اجرى الرئيس المصرى حسنى مبارك اتصالا تلفونيا بالشيخ جابر الاحمد بقية الحفاظ على وحدة الصف العربى فى هذه المرحلة الدقيقة، وبتوافق مع هذه الاتصالات استمرت الجولات التى يقوم بها الشيخ صباح الاحمد الى دول الخليج ووزير شؤن مجلس الوزراء ووزير العدل الى سائر البلاد العربية، وفى الوقت ذاته اذاع تلفزيوم واذاعة الكويت نص المذكرة الرسمية المرسلة للجامعة العربية والتى طلبت توزيعها على جميع الاعضاء. ترفض فيها الاتهامات العراقية، وجاء فى هذه المذكرة ان العراق هو الذى يعتدى على اراضى الكويت ويحفر ابارا داخل الاراضى الكويتية ويستولى على بترول الكويت. وطلبت بتشكيل لجنة تابعة لجامعة الدول العربية تتولى تسوية نزاع الحدود مع العراق على اساس المعاهدة القائمة حاليا والوثائق المتبادلة بين البلدين فى هذا الصدد، وجاء فى المذكرة ايضا ان الاتهامات العراقية بسرقة بترول العراق لا تستند على اساس من الواقع، وان العبارات التى وردت فى مذكرة العراق للجامعة العربية بهذا الشان لا تتفق وروح العلاقات الاخوية القائمة بين البلدين.

وفندت وكالة الانباء الكويتية ماجاء فى الادعاءات العراقية وقالت : ان العراق رفض باستمرار تسوية نزاع الحدود مع الكويت بينما كان يسعى الى رسم حدوده وتحديدها مع الدول العربية الاخرى المجاورة.وأوضحت ان للعراق سجلا ثريا وكبيرا من الانتهاكات للاراضى الكويتية ؛ وأن هذا السجل تعززه وتأيده الوقائع، وان الكويت عانت من انخفاض اسعار البترول بقدر ما عانى العراق اثناء الثمانينات، فى وقت كان بوسع الكويت ان ينتج فيه الكثير على ضوء امكانياته البترولية الضخمة، ونفت الادعاء العراقى بانه يسرق بترول العراق من حقول الرميلة واكدت ان الكويت ينتج البترول من داخل أراضيه ومن مناطق بعيدة عن الحدود الدولبة مع العراق، واضافت تقول لقد كانت هناك ومازالت محاولات عراقية لحفر آبار بترول داخل الاراضى الكويتية بالرغم من الاحتجاجات الكويتية المتكررة وأن الكويت اختارت ان لاتثير هذه المسالة على مستوى الساحةالعربية واعتقدت انه يكفى فى هذا الصددالاتصالات الثنائية.

الجمعة 20 يوليو 1990

دعت مصر الى تسوية الخلافات العربية بالحوار الاخوى باعتباره الاسلوب الوحيد الذى يحقق مصالح الامة العربية بعيدا عن الاثارة والتوتر وأكدت ضرورة اعطاء اولوية قصوى لتعزيز التضامن العربى والحفاض على وحدته لمواجهة التحديات والتصدى للأخطار التى تهدد السلام والاستقرار فى الشرق الاوسط،

وأكد بيان أصدرته رئاسة الجمهورية فى القاهرة على أن الخلافات بين الاطراف العربية يجب الا يعوق المسيرة العربية الواحدة أو يفسد مناخ العلاقات داخل الأسرة الواحدة، وطالبت بضرورة تهيئة الظروف لمواصلة التنمية وتنفيذ مشروعيتها، وتعميق التضامن بين جميع الأقطار العربية.

الا ان الجانب العراقى واصل تصعيده تجاه الكويت حيث دعى البرلمان العراقى الدول العربية الى مساعدة العراق ضد الكويت ودولة الامارات بدعوى انهما أغرقا الأسواق العالمية بالبترول لتخريب الاقتصاديات العربية، وقال ان السياسة البترولية الجديدة التى يطبقها حكام الكويت والامارات اضرت بالعراق بشده،ووصف هذه السياسة بأنها حرب جديدة ضدالعراق وان ذلك يستوجب تدخل الدول العربية لاستئصال مواطن العنف لبعض حكام الخليج الذين دخلوا لعبة الاضرار بالمصالح العربية.

هذا وقد طالب بيان صادر عن جامعة الدول العربية تشكيل لجنة خاصة لمواجهة النزاع العراقى الكويتى.فى حين واصلت الصحف العراقية انتقاداتها الحادة وهجومها العنيف على الكويت والامارات،وقالت صحيفة الثورة انه لايجب الثقة فى تعهدات الكويت والامارات فيما يتعلق بحصص الانتاج من البترول.

السبت 21 يوليو 1990

استمرت الاتصالات المصرية العربية بهدف احتواء الازمة الناشبة بين العراق والكويت والامارات، وفى اطار هذه الجهود اتصل الرئيس العراقى صدام حسين بالرئيس حسنى مبارك كما اتصل الملك حسين ملك الاردن بالرئيس حسنى مبارك.

وصرح عصمت عبد المجيد وزير الخارجية المصرى بأن لدى مصر رغبة صادقة فى احتواء هذه الازمة، وفى نفس الوقت وصل الى بغداد الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى حيث سلم رسالة الى الرئيس العراقى من الملك فهد ملك السعودية ومنها توجه الى الكويت، وكان الملك فهد قد اجرى اتصالا هاتفيا آخر بالرئيس صدام حسين. وفى نفس الوقت استقبل الشيخ جابر الاحمد أمير دولة الكويت الشاذلى القليبى الأمين العام لجامعة الدول العربية، وفى ظل هذا الصعيد والتهديد العراقى أجرت الكويت اتصالا بالامم المتحدة شارحة اسباب نزاعها مع العراق.

الا ان اجهزة الاعلام العراقية ادانت هذه الاتصالات مع الامم المتحدة واتهمت الكويت بمحاولة تدويل النزاع.

واصدر اتحاد نقابات العمال بالكويت بيانا اتهم فيه العراق بأنه يعلن الحرب على الكويت، و ان هذا العمل الذى يحض على شن هجوم مسلح فيه تهديد للتضامن العربى، من جانب آخر
المحت صحيفة القادسية الناطقة بلسان الجيش العراقى الى احتمال القيام بعمل عسكرى ضد الكويت، وقالت الصحيفة أن العراق سيتخذ اجراءا يحمى حقوقه ومصالحه.

الاحد 22 يوليو 1990

استقبل الرئيس المصرى حسنى مبارك طارق عزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية العراقى الذى ابلغه رسالة شفهية من صدام حسين، وحين سئل عن التهديد العراقى للكويت قال للصحفين هم الذين يهددوننا ونحن لانهدد احد.

لاثنين 23 يوليو 1990

أكدت الكويت انها لم تطلب تدخل منظمة الامم المتحدة فى الازمة الأخيرة بينها وبين العراق كما أكدت التزامها بميثاق الجامعة العربية وحرصها على ان تتم معالجة كل القضايا المتصلة بالعلاقات بين الدول العربية فى نطاق جامعة الدول العربية، وان هدف الكويت من تقديم مذكرة لبيريز دى كولار السكرتير العام للأمم المتحدة هو أحاطة السكرتير العام علما بما تضمنته مذكرة الحكومة العراقيةللجامعة العربية ورد الكويت عليها وفقا لما تقضى به الاعراف والممارسات الدولية المعتادة من واقع التزام الكويت بميثاق ومبادئ الامم المتحدة وان الكويت حريصة على انهاء هذه المسألة الهامة مع العراق، وانه ايمانا من الكويت بسلامة موقفها وبانتمائها العربى فانها احتكمت للامة العربية فى اختيار لجنة عربية يتفق على اعضائها لتقوم بالفصل فى موضوع رسم الحدود على اساس من المعاهدات والوثائق القائمة بين الكويت والعراق، وفى دمشق دعى الرئيس حافظ الاسد الى ضرورة تهدئة حدة الأزمة بين الكويت والعراق ووجوب حل الخلافات العربية عن طريق الحوار وعدم اللجوء الى التصعيد.

وقد اقترحت مصر خطة من اربع نقاط لتسوية الازمة وهى :
– استبعاد اى تهديد باللجوء الى العمل العسكرى المسلح من جانب اى طرف ضد الطرف الآخر.
– البدئ في القيام بمهمة مكوكية مصرية من أجل التقريب بين وجهتى نظر البلدين، مع الترحيب باى مساعدة ترى اى دولة عربية التقدم بها.عقد اجتماع مصالحة يعقد بالقاهرة بمشاكة محدودة من الدول العربية ذات الثقل السياسى.
– وقف كل الحملات الاعلامية بين البلدين.

وفى الجزائر قرر زعماء المغرب العربى فى ختام قمتهم التى انعقدت فى الجزائر ارسال مبعوث خاص الى منطقة الخليج للتوسط فى مهمة لانهاء النزاع بين العراق والكويت.

الثلاثاء 24 يوليو 1990

قام الرئيس حسنى مبارك بجولة شملت كل من العراق والكويت والسعودية، تهدف احتواء الأزمة المتصاعدة بين العراق وكل من الكويت والامارات، وأعلن قبل مغادرته انه سوف يسعى الى بذل كل الجهود لتصفية هذا الخلاف الطارئ حرصا على المصالح العربية وحتى لاتتعقد الامور ولكيلا تشهد المنطقة اى تمزق للصف العربى او يتأثر الوفاق والتضامن الذى ظهر فى العالم العربى ، وفى ختام زيارته ومباحثاته فى كل من بغدادوالكويت والتى وصفها بأنها ناجحة، اعرب عن أمله فى ان تحقق جولته الامال المعقودة عليها، وقال انه يأمل فى ان تنتهى هذه المساعى الحميدة الى جلوس العراقيين والكويتيين بحضور مصر او اى دولة عربية اخرى مشيرا الى احتمال ان تكون هذه الدولة هى المملكة العربية السعودية وان هناك تنسيق كامل بين مصر والسعودية لبذل الجهود لاحتواء الازمة فى النطاق العربى.

الاربعاء 25 يوليو 1990

أعلن الرئيس المصرى حسنى مبارك أن اجتماعا ثنائيا سيعقد فى جدة يوم السبت أو الاحد القادم بين مسؤلين من الكويت والعراق لتسوية الخلافات التى نشبت مؤخرا بين البلدين، كما أعلن الرئيس مبارك ان البلدين اتفقا على وقف الحملات الاعلامية، وكشف الرئيس مبارك ان العراق لم يحشد اى قوات اضافية فى منطقة الحدود المشتركة مع الكويت وان القوات المتمركزة فى الاراضى العراقية كانت موجودة قبل اندلاع الازمة الاخيرة.

كما وجه الرئيس مبارك نداء الى كافة الاطراف بابداء مرونة كافية لتجاوز الازمة الراهنة وتفويت الفرصة على الاطراف الخارجية التى تسعى للتدخل فى المنطقة، كما وجه نداء مماثلا للولايات المتحدة بعدم تصعيد التوتر فى المنطقة.

وقال الرئيس المصرى لقد ذهبت الى العراق والتقيت مع الرئيس صدام حسين واعتقد انه حريص على حل الموضوع وليس لديه نية للاعتداء على الكويت او على اى جهة اخرى، كما التقيت مع سمو امير دولة الكويت ثم الى جدة حيث ساعدنا الملك فهد عاهل السعودية فى الوصول الى ان يبدى الطرفين النوايا الطبية وقد توصلنا الى وقف الحملات الاعلامية اعتبارا من يوم الخميس القادم، ثم يعقد اجتماع ثنائى بين البلدين فى المملكة العربية السعودية بجدة حتى يبدئوا فى اجراء حوار وحتى يتمكنوا من الوصول الى حل نهائى للمشكلة القائمة بينهما.

الخميس26 يوليو 1990

توقفت الحملات الاعلامية المتبادلة بين كل من العراق والكويت وذلك فى اطار الجهود والمساعى المكثفة التي قام بها الرئيس المصرى لاحتواء الازمة، اوهذا ماكنا نتصوره ولم نكن نعلم ان الامر ما هو الا مجرد خدعة من الرئيس العراقى كى يتم حشد قواته ويتهيأ للانقضاض على جاره.

وقام الدكتور أسامة الباز وكيل أول وزارة الخارجية ومدير مكتب الرئيس للشئون السياسية بزيارتين خاطفتين لكل من بغداد والكويت سلم خلالهما رسالتين من الرئيس حسنى مبارك لكل من الرئيس العراقى صدام حسين والشيخ جابر الاحمد امير دولة الكويت، وقد تناولت الرسالتان وضع الترتيبات النهائية لاجتماع يعقد فى جدة.

كما اكد الدكتور عصمت عبد المجيد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بأن اجتماع الوفدين العراقى والكويتى سوف يعقد فى جدة يوم الاحد او الاثنين القادمين.وقال ان الشيخ سعد العبد الله ولى عهد الكويت ورئيس مجلس الوزراء سيرأس وفد الكويت فى هذا الاجتماع كما أن السيد عزت ابراهيم سيرأس الوفد العراقى وهو عضو قيادة الثورة العراقية ونائب رئيس الجمهورية.

وفى واشنطن صرح مسئول رسمى بوزارة الخارجية ان الرئيس صدام حسين أكد فى رسالة الى بوش رئيس الولايات المتحدة ان العراق لايعتزم القيام بأى عمل عسكرى وأنه يأسف لأن امركا وضعت أسطولها فى الخليج فى حالة تأهب وشرعت فى القيام بناورات فى الخليج بزعم حماية دولة عربية صغيرة، وقد أبلغ هذه الرسالة للسفيرة ايريل اجلاسبى خلال اجتماعه بها فى بغداد، وأكد للسفيرة الامريكية أن العراق لايريد حربا فهو يعرف مرارة الحرب وتكاليفها وأن الخلاف بينه وبين الكويت هو خلاف بين افراد عائلة واحدة، وأن القضية تتعلق فى نهاية الامر بمسائل من اختصاص الامة العربية. ومضى المسئول الامريكي يقول ان المقابلة كانت صريحة وودية ولم تتصف بطابع المواجهة، وأكد ان الولايات المتحدة حريصة على عدم تصعيد الموقف ولاتريد ان تخرج الأمور عن اطارها، وذكر أن صدام قال ان القوات العراقية كانت موجودة فى مواقعها على الحدود بدون اعلان لحالة استنفار.

الجمعة 27 يوليو 1990

اقر وزراء منظمة الدول المصدرة للبترول اوبك اتفاقا يقضى برفع السعر الأساسى لبرميل البترول من 18الى21دولار للبرميل وزيادة الحد الاقصى الى 22مليون برميل يوميا، وقد أكدت دولة الكويت والامارات انهما ستخفضان انتاجهما حتى يصل الى مليون ونصف المليون برميل يوميا.